La semaine de la céramique

hommage à Mohamed bouaziz

C'est à partir du travail de l'artiste Mouna Jemal que ce panneau a été réalisé par les étudiants de la spécialité céramique, encadrés par les artistes et enseignantes   Besma Hlel, Sara Ben Attia et Lynda Abdellatif.

حمّادي كما كنّا ننادي

"النّاس لا ينصفُون الحيّ بينهم، حتى إذا ما توارى عنهم ندموا" أبو القاسم الشابي

إلى روح حمّادي بوعزيز
عذرا إن كنت تأخّرت أو غبت أو غفلت
عذرا إن كنت نسيت ولم أمنحك فرصة كي أراك
فأنا على عجل من أمري في كلّ حين وأنت كنت الأسرع، أخذتك الحياة إلى الحياة وتركتنا نحن الموات، تركتنا نحن الّذين اصطففنا في يوم ما أمام ورشة الخزف لندلف بين الأفران والدّواليب نصنع ما شاء لنا البحث العنيد أن ننجز من أعمال.... وكنّا صغارا ترفعنا حيويّتنا عاليا من أجل تحقيق الحلم أبدا لم تكن أستاذنا ولا مؤدّبنا ولا صاحب نظريّة تتلوها علينا.... كنت رفيقا وأخا وصديقا ومعينا وناصحا ورؤوفا... وكانت كلماتك المتدفقة بصوت خافت، نكاد نتبين حروفه الأنفيّة من الحلقيّة لما فيه من تفخيم طبيعي، تشعرنا بدفء غريب، نحن القادمين من صفاقس وسوسة وقصر هلال والمكنين وقرقنة وجندوبة وطبرقة ونابل... اجتمعنا عندك وعنده... عبد الحميد بودن... أو عمي الشّيخ الأحمر ... وكنت الأكثر حضورا والأكثر امتثالا... أنت الّذي استقبلتنا بعد أن خلعت سترة الطالب في ذات الشّهر الّذي جاءت بنا فيه الباكالوريا إلى رحاب الفنون.... وكنت تقول: يا لولاد حبّو بعضكم... ما ثماش خير من الحب.... علّمتنا هذا قبل أن تنغمس أيادينا في الطّين اللزج وفي نار الفرن وقبل أن نرى إلى الأفق يستقبل أعمالنا الطّلابيّة في حلّة جديدة غير معهودة...
نعم معك تعلمنا كثيرا من الأشياء ... تعلمنا صياغة المشروع من الفكرة البسيطة وتعلمنا الصّبر على التّعب وتعلمنا البساطة والتّقشّف دون حيل ولا حذلقة. كنت مساو لنفسك في كلّ شيء وكنت وفيّا لأصلك كما الأصيل بلا دخيل وكنت راق جدّا في نقائك ونقاء سريرتك وصفاء معدنك. أقول هذا وأعنيه لا نفاقا ولا رياء ولا انصافا بعد رحيل، لأنك لم ترحل، بل نحن الّذين رحلنا إذ فقدناك وأخذتنا الطّرق بعيدا.
حمّادي كنّا ننادي، بلا سي ولا أستاذ ولا أي لقب من الألقاب، وكنت تجيب بلا انزعاج ولا عقد ولا غضب، كم كنت في تعب وبلا غضب... تخاوينا وسرنا معا في طرق مختلفة ولكن بالأهداف ذاتها وبالوسائل المتقاربة أحيانا والمتضاربة أحيانا أخرى... لم نكن نعلم أنّ تلك الدّفعة البسيطة والقويّة نحو مزواجة المواد في القطع الخزفيّة في ذاك الزمن، ستكون نقطة تحوّل صاغها رجل مخضرم وعنيد، بليونته وكياسته، ولم نكن ندري بأنها طفرة التّحوّل الكبير في تاريخ الخزف الفنّي بتونس. ها أنت ذا تحقّقها في إخوتك وأبنائك، طلبتك وطلبة طلبتك وها أنت ذا تصير بهم علما بغير ادّعاء... وها نحن نخطو حذوك وخلفك ونسبق فنراجع خطوك ونتذكّر كيف كنا ننادي حمّادي يا حمّادي كما كانت أمّك تنادي.
أبدا لم تفارق وأبدا لم ننافق، فقط كن رحيما بنا وانظر إلينا نحن الّذين أخذنا عنك كلّ هذا الّذي كنت أقول وما قلت به شيئا، واعلم بأنّك بيننا حتّى وإن غبت عن ناظرينا، فليست تغيب الرّوح عن محبّيها وليست تغادر الذّكرى المحبّينا.
عذرا إن كنت أخطأت
عذرا إن كنت أبطأت
أو ربّما أخذني الطّريق إلى غير المراد
عذرا يا صديقي وأخي الأكبر حمادي.
فاتح بن عامر